عدد المساهمات : 495 نقاط : 1104 تاريخ التسجيل : 29/09/2009 العمر : 35 الموقع : www.alnoojom.yoo7.com
موضوع: مسجد "عمرو بن العاص" درة مساجد المحروسة - القاهرة 19/2/2010, 4:03 am
أول جامع وجامعة في مصر وأفريقيا مسجد عمرو بن العاص
مسجد عريق تستشعر فيه عظمة التاريخ الإسلامى، فعندما تطأ قدمك أرضه يعود بك الزمان إلى عصر الفتوحات الإسلامية، وتقفز إلى مخيلتك صورة الصحابى الجليل عمرو بن العاص عندما فتح مصر وطهرها من فلول الرومان، في ساحته توحدت قلوب المصريين ، وبأروقته تجمع خيار الصحابة، فكان الإطلالة الدينية التي نقلت الإسلام بكل ما فيه من تألق وحضارة إنسانية إلي أفريقيا، والجامعة الإسلامية التي تخرج منها الكثيرون من مفكرى الإسلام علي مدي الحقب الماضية، ليبقى على مدار الزمان رمزا لتحرير مصر وشاهدا على تاريخها منذ أن دخلها الإسلام حتى الآن ....
فبعد الفتح الإسلامي لمصر في غرة المحرم سنة 20 هجرية الموافق 8 نوفمبر 641 ميلادية أسس الفاتح الكبير "عمرو بن العاص" مدينة الفسطاط لتكون أول عاصمة إسلامية لمصر، وعندما أرسل له الخليفة "عمر بن الخطاب" - رضى الله عنه - ليبني مسجداً لإقامة شعائر صلاة الجمعة بني "عمرو بن العاص" هذا المسجد الذي سمي باسمه حتى الآن، وكان يعرف أيضاً بمسجد النصر ... والمسجد العتيق ... وتاج الجوامع، فكان بذلك أول مسجد في مصر وإفريقيا والرابع في الإسلام بعد مساجد المدينة (بناه الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - في العام الهجري الأول) والبصرة (بناه عقبة بن غزوان - رضى الله عنه - عام 14هـ / 635م) والكوفة (بناه سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه عام 17هـ / 638م)
أشرف علي بنائه أربعة من الصحابة هم:
أبو ذر الغفاري أبو بصرة محمية بن جزء الزبيدي نبيه بن صواب البصري وقام بتحديد القبلة فيه جمهور من الصحابة – رضوان الله عليهم – مـنهم:
ربيعة بن شرحبيل عمر بن علقمة القرشى الزبير بن العوام المقداد بن الأسود عبادة بن الصامت رافع بن مالك أبو الدرداء فضالة بن عبيد الله عقبة بن عامر وغيرهم من أجلاء الصحابة الفاتحين، وافتتح بأول صلاة جمعة مباشرة فكان بذلك أول مسجد جامع في مصر والقارة الإفريقية ليخرج منه نور الإسلام والإيمان إلي باقي البلدان.
أنشئ هذا المسجد عام 21هـ / 642م علي أرض كانت حديقة تبرع بها "قيسبة بن كلثوم" وكان يشرف علي النيل، ومساحته وقت إنشائه 50 ذراعاً فى 30 ذراعاً وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53هـ / 672م حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته "مسلمة بن مخلد الأنصاري" والي مصر من قبل "معاوية بن أبي سيفان" وأقام فيه أربع مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن120 فى 110أمتار ( أي حوالي 13200 متر ) ويعتبر أقدم أثر إسلامي باق حتى الآن في مصر والقارة الإفريقية.
شهد المسجد أحداثاً جساماً، كما شهد إهمالاً علي مدي تاريخه الطويل أهمها:
الحريق الأول الذي شب عام 275هـ / 888م وقام "خماروية بن أحمد بن طولون" بتجديده وتعميره. الحريق الثاني وكان عام 564هـ / 1168م في عهد "شاور" وزير الخليفة الفاطمي "العاضد" وبعد ذلك بحوالي أربع سنوات أصلحه "صلاح الدين الأيوبي" الزلزال المدمر الذي حدث عام 702هـ / 1302م وقد الحق بالمسجد ضرراً بالغاً فقام بإصلاحه "الناصر محمد بن قلاوون". الزلزال المدمر الثاني الذي هز مصر كلها الاثنين 15 ربيع الثاني 1413هـ / 12 أكتوبر 1992م وأصيبت بعض أعمدته وحوائطه بشروخ وتصدعات وقامت هيئة الآثار المصرية بترميمه. إنهيار خمسين متراً من سور حرم الجامع ليلة الجمعة 13 شوال 1414هـ / 25 مارس 1994م وقامت هيئة الآثار بإقامة سور خرساني بارتفاع ستة أمتار حول الجامع ومرافقه. في يوم الأحد الموافق 5 ذو القعدة 1416هـ / 24 مارس 1996م إنهار 150 متراً من سقف المسجد في الجزء الجنوبي الشرقي بإيوان القبلة، وقد أمر "الرئيس محمد حسني مبارك" بفك إيوان القبلة وإعادة البناء وتصويب الأخطاء المعمارية التي نتجت عن تجديدات "مراد بك" بعد ما عرض عليه الدكتور "عبد الرحيم شحاتة" محافظ القاهرة الحالة السيئة لهذا الإيوان. ويشاع أن القبة الموجودة بالركن البحري الشرقي بالجامع بها قبر الصحابي "عبد الله بن عمرو بن العاص" - رضى الله عنه - وهذا غير موثوق به لأن المؤرخين اختلفوا في مكان دفنه، بل وفي سنة وفاته، ولم يرد ذكر القبر في أقوال المؤرخين والرحالة في العصرين المملوكي و العثماني.
لم يقتصر نشاط المسجد علي أداء الفرائض الدينية منذ إنشاءه .. بل كانت فيه محكمة لفض المنازعات الدينية، وكان به بيت المال.
ويعتبر المسجد أول جامعة إسلامية في مصر وإفريقيا تأسست علي يد الصحابي الكبير "عبد الله بن عمرو بن العاص" - رضى الله عنه - فقد ألقي فيه الإمام الشافعي دروسه عند قدومه لمصر، وبلغ عدد الدارسين فيه أكثر من ألفي طالب في عشر حلقات في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وكذلك السيدة نفيسة رضي الله عنها .
وقد ذكر "السيوطي" أنه بلغ حسب تقدير بعض المؤرخين أن أكثر من مائة وأربعين صحابياً كانوا أساس "مدرسة مصر الدينية" وهي المدرسة التي كان مركزها "جامع عمرو بن العاص".
وذكر "المقريزي" نقلاً عن "شمس الدين بن الصائغ الحنفي" أنه أدرك بجامع عمرو بن العاص بمصر قبل الوباء في عام 749هـ بعضاً و أربعين حلقة لإقراء العلم لا تكاد تبرح مكانه.
ومن أبرز تلاميذ جامعة وجامع عمرو بن العاص الذين تخرجوا فيه "الليث بن سعد" الذي أصبح بعد ذلك أستاذاً وفقيهاً به ثم صار إماماً .. بل كاد أن يكون صاحب مذهب خامس في الإسلام إلا أن أهله ضيعوه وضاعت مؤلفاته وفتاواه وتفسيره للقرآن الكريم، حيث قال فيه الإمام "الشافعي":
الليث أفقه من مالك إلا أن قومه أضاعوه، وتلاميذه لم يقوموا به
صفات جامع عمرو
عرف الجامع بعدة مسميات منها أهل الراية الأعظم، مسجد الفتح، وجامع عمرو، والجامع العتيق، وجامع مصر، وتاج الجوامع.
كما وصفه ابن دقماق قائلا : "إنه إمام المساجد، ومقدم المعابد .. وقطب سماء الجوامع .. ومطلع الأنوار اللوامع .. ومنزل قلادة البنيان .. وعقيلة بيوت الملك الديان .. وموطن أولياء الله وحزبه .. ومنزل أشياع الدين وصحبه .. طوبى لمن يحافظ على الصلوات فيه، وواظب على القيام بنواحيه، وتقرب منه إلى صدر المحراب، وخر لديه راكعاً وأناب، ومال إليه كل الميل، وجنح إلى حضرته في جنح الليل، وصرف همته لاجتناء ثمرة خيره، وأدرك فضيلة جامعته التي لا تحصل أبدا في غيره".